| | | | مواضيع جديدة وحصرية على شبكة أبو نواف:
د. عبدالله المسند*
:. الله سبحانه وتعالى {خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} {وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ}، فالله عز وجل خلق الأرض بموازين ونواميس تتيح أن يعيش عليها الإنسان في طمأنينة، {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ} فالله يمُن على عباده أجمع أن هيئ لهم كوكباً صالحاً للعيش والحياة، للبشر والحيوان والنبات، بما استودع بها من أغلفة محيطة، ونظم طبيعية فريدة، وموارد اقتصادية مديدة {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا}.
*****
:. وفي كوكب الأرض دون غيره من الكواكب الهواء والماء والنبات والحيوان {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} في كوكب الأرض كل ما يلزم لاستخلاف الإنسان في الأرض لأجل مسمى، من أجل تعميرها وتنميتها وفق ما شرع الله عز وجل {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً}.
*****
:. وهكذا عبر أكثر من 7000 سنة مضت عاش الإنسان في كنف كوكب الأرض في تفاعل وتناغم موزون .. ولكن العلاقة ما لبثت أن تعكرت خلال النصف الأخير من القرن الماضي، وذلك مع التطور التقني والتقدم الصناعي والتوسع التجاري عند الإنسان، حيث بدأ من حيث يشعر أو لا يشعر بتلويث وإفساد الغلاف الجوي والمائي، والجور على الغلاف الحيوي في كوكب الأرض، بل ولم يسلم حتى الغلاف الصخري من عبث الإنسان، حيث غير معالم الأرض، واستغل مواردها الطبيعية بصورة جشعة ومضرة للنظام البيئي، والصحة العامة غالباً، بل وترك خلفه مخلفات سامة ومؤذية للبيئة بشكل يتعارض والحياة الهنيئة الصحيحة على الأرض، ولأن الأرض بيت الجميع والسماء سقفها، ولأن التلوث ليس له حدود جغرافية وسياسية فمن الواجب أن يتنادى الجميع في منع وردع اليد العابثة المفسدة القاطعة.
:. ومع مرور السنين وبُعيد الثورة الصناعية ظهر الفساد البيئي في البر والبحر والجو بما كسبت أيدي الناس، وثقلت أغلفة الأرض بحملها من الملوثات والسموم بسبب عبث الإنسان في مقادير وعناصر الأرض الطبيعية التي فطرها الله لها بقدر موزون؛ نتج عن هذا أن تغيرت الأرض على الإنسان، فبدأت عناصر الغلاف الجوي مخلخلة التوازن، ودرجة الحرارة العالمية ترتفع، والجليد في القطبين وفي قمم الجبال يذوب وينصهر، ومستوى سطح البحر يرتفع ويغرق أطراف اليابس، والغابات تتقلص وتضيق، والصحاري تتوسع وتزيد، قاد هذا إلى الاحترار وأن يتغير المناخ على الإنسان ويكون أكثر حدة وتطرفاً ـ بإذن الله تعالى ـ فنجد قحطاً وجفافاً هنا وفيضانات هناك، ومن حر هنا وقر هناك، ومن أعاصير مدمرة وعواصف غبارية مزعجة، وبات المناخ له ضحايا وخسائر سنوياً، بصورة لم يعهدها الإنسان من قبل، وتساءل الإنسان أنَّى هذا؟ قل هو من عند أنفسكم، وبما صنعت أيديكم، "وعلى أهلها جنت براقش".
:. وفي العقدين الأخيرين قيض الله من الحكماء والعقلاء في شتى أنحاء المعمورة، من يدق ناقوس الخطر، وينادي بإيقاف العبث والإفساد في كوكب الأرض، وبتفعيل التنمية المستدامة المتزنة، والتي تنسجم مع أوامر خالق الأرض والسماء، من دون إخلال وتغيير في فطرة الله التي فطرها لهذا الكوكب؛ جاءت هذه الاهتمامات بصور شتى من قمم أممية، ومؤتمرات عالمية، وندوات علمية، وأنشطة عملية، وحملات توعوية، من أجل إيقاف عجلة العبث والإفساد في البيئة الأرضية، التي هي فراشانا الذي نتوسده، وغطاؤنا الذي نلتحفه {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا}.
*****
:. ولعل ما يسمى بساعة الأرضEarth Hour هي أحدث منشط بيئي عالمي أخضر، بدأ عام 2007م في استراليا، وما لبث أن شاع في العالم أجمع. ساعة الأرض تهدف إلى العمل الجماعي الأممي الموحد في الوقوف أمام التغيرات المناخية والتبدلات البيئية؛ من أجل الحد من الفساد والتغيير على كوكب الأرض، وذلك عبر منشط مختصر ذكي وعصري، يتمثل بإطفاء الأنوار ساعة في السنة، ويوافق هذا العام يوم السبت 11/4/1431هـ الموافق 27/3/2010م، وذلك من الساعة الثامنة والنصف مساءً حتى التاسعة والنصف مساءً بالتوقيت المحلي في كل مدن العالم المشاركة في هذه الفعالية البيئية العالمية.
*****
:. حيث ستقطع الكهرباء عمداً، وبشكل رمزي عن بعض الشوارع والميادين، وبعض الدوائر الحكومية، والقطاع الخاص، في أكثر من 92 دولة و 2500 مدينة حول العالم، وفي كبرى المدن السعودية أيضاً، وسيتسمر مئات الملايين من البشر حول الشموع يوم السبت 27 مارس عند الساعة الثامنة والنصف مساءً.
مدينة دبي ونيويورك قبل وبعد ساعة الأرض.
:. ساعة الأرض حدث عالمي سنوي، وتحرك بيئي ضخم بدعم من مئات الملايين حول العالم، تسعى إلى تذكير الإنسان بالمخاطر المحدقة بكوكب الأرض بسبب إدارة الإنسان لعجلة التنمية بشكل غير متوازن كما تسعى إلى تصحيح المسار عبر التنمية المستدامة، لذا فساعة الأرض ليست ترفاً فكرياً وعبثاً عملياً وإنما هي مطلب حضري.
*****
:. والمسلمون أولى الناس في تبني رفع شعار الحفاظ على الأمن البيئي على كوكب الأرض، فالقرآن والسنة تعجان بالتوجيهات البيئية والصحية والأمنية بتفاصيل تكاد لا تخفى على الجميع، والحكمة ضالة المؤمن فحيث وجدها في استراليا أو في غيرها فهو أحق بها من غيره.
*****
:. وفعالية "ساعة الأرض" تهدف إلى الحد من استخدام الطاقة المفرط والله يقول {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}، و "ساعة الأرض" تهدف إلى الحد من الانبعاثات السامة في الجو والتي قادت إلى الاحتباس الحراري والله يقول {وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا}، و "ساعة الأرض" تهدف كذلك إلى تنمية ونشر الوعي البيئي لدى الإنسان لمواجهة عوامل تغير المناخ والله يقول {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}.
*****
:. و "ساعة الأرض" تهدف أيضاً إلى التوازن في التعاطي مع الثروات الطبيعية التي وهبها الخالق لسكان الأرض والله يقول {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}، و "ساعة الأرض" تهدف إلى تفعيل التنمية المستدامة لنا وللأجيال القادمة، لا تنمية الأنانية، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول (إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها) توجيه نبوي بيئي إلى الحفاظ على بيتنا الدنيوي، وتنميته إلى آخر لحظة، وزراعة الأمل كأننا نعيش فيها أبداً، و "ساعة الأرض" تهدف إلى أن ننفق قدر حاجتنا والله يقول {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا}، و "ساعة الأرض" تهدف إلى دفع الناس إلى تخليص الكوكب من الأذى في بره وبحره وجوه، ورجل البيئة الأول محمد صلى الله عليه وسلم يقول (الإيمان بضع وسبعون شعبة، أدْناها إماطة الأذى عن الطريق).
:. والإسلام شدد في التحذير من التعدي على البيئة ونظامها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من أذى المسلمين في طُرُقِهم، وجبتْ عليه لعنتُهم) فكيف من آذاهم في أرضهم التي يزرعونها، وفي جوهم الذي يتنفسونه، وفي بحرهم الذي يأكلون منه!! وفي المقابل قال عليه الصلاة والسلام (لقد رأيت رجلا يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين) فكيف من ساهم في كف الأذى عن المسلمين في الأرض وليس في الطريق فحسب؟، وحتى في الحرب علمنا الإسلام ألآ نسرف في القتل أو القطع أو الهدم والتدمير، كما علمنا كيف نتعامل مع أنفسنا كمسلمين، ومع غيرنا من غير المسلمين، وكيف نعامل الحيوان، والنبات، ونتعامل مع الثروات الطبيعية، قال أبو ذر رضي الله عنه " تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما طائر يطير بجناحيه إلا عندنا منه علم" أ.هـ.
*****
:. دين وملة وشريعة كاملة ومتوازنة تدعو إلى خيري الدنيا والآخرة، فأخبروا العالم أن الإسلام صانع الحياة، وأطفئوا أنوار بيوتكم في ساعة ألأرض، وعلموا أولادكم ما لنا وما علينا اتجاه كوكبنا، والصلاة والسلام على معلم البشرية من بعده .. كيف تعيش؟
*عضو هيئة التدريس بقسم الجغرافيا بجامعة القصيم، والمشرف على جوال كون. ربيع الآخر1431هـ www.almisnid.com almisnid@yahoo.com للاشتراك في قروب أبو نواف ضع بريدك هنا للمشاركة قم بإرسال مشاركتك على البريد التالي : abunawafgroups@yahoo.com | |
*إخلاء مسؤولية :
هذه الرسالة تمثل وجهة نظر كاتبها فقط، ولا تعبر بأي حال من الأحوال عن وجهة نظر شبكة أبو نواف، ولا تقع علينا أدنى مسؤولية جراء أي خسارة أو ضرر، بما في ذلك ودون تحديد الضرر المباشر أو غير المباشر، أو أي ضرر أو خسارة من أي نوع تنشأ عنه هذه الرسالة أو محتواها من حيث الاستخدام أو الإرسال أو الاستقبال أو التعديل على المحتوى بالحذف أو التغيير أو الإضافة أو الاعتماد على محتواها. ووجود شعار شبكة أبو نواف على المواد التي تحويها الرسائل يعني تحميلها على خوادم الشبكة فقط، ولا تعني بالضرورة أن شبكة أبو نواف تملك هذه المواد بشكل كامل.
كما أن جميع خدمات شبكة أبو نواف بدون استثناء لا تتحمل مسؤولية أي استخدام غير قانوني بواسطتها. وعلى الرغم من أن الرسائل الإلكترونية يتم فحصها مسبقا من قبل الشبكة للتأكد من سلامتها من أي فيروسات او ملفات تجسس؛ إلا أنه من مسؤولية المتلقي التأكد من خلو البريد والمرفقات منها، وشبكة أبو نواف تخلي مسؤوليتها تماماً عن أي أضرار أو خسائر قد تنتج من الاستخدام الخاطئ أو وجود الفيروسات أو ملفات التجسس المرسلة من خلال رسائل أو خدمات الشبكة الإلكترونية.
Disclaimer:
This E-mail represents the views of its author only and does not necessarily reflect the opinions of AbuNawaf Network. We do not assume responsibility for any loss, damage (including direct, indirect, punitive, special, or consequential loss or damage), which you may directly or indirectly suffer from this email or its contents or through the ways of handling this email which includes sending, receiving, replying, forwarding, deleting, saving or changing and adjusting its content in any way.
The existence of AbuNawaf logo on any material you receive means that it has been uploaded on the network servers, and does not necessarily mean that AbuNawaf network owns these materials either partially or fully. In addition, any service that is provided by and/or through AbuNawaf network, without exception, does not take any responsibility for any illegal use through them either by negligence, misconduct, misuse and/or abuse. And even though our network checks and scans all e-mails to make sure it is safe and does not contain any viruses,Trojans or Spywares , it is also the responsibility of the recipient to ensure that the e-mails and attachments therein are free of any danger, and AbuNawaf network will take no responsibility for any damages or losses that may arise as a result from the misuse or the presence of viruses or spyware sent through messages or web services.*
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق