لا تزال حكايات ألف ليلة وليلة تسحر عقولنا وتحلق بها إلى حيث السحر والجمال والمتعة والتشويق . وتداعب خيالاتنا, بأساطيرها السحرية ابتداء من بساط الريح ومرورا بالكرة الزجاجية التي تنقل ما يحدث في أصقاع الأرض للناظر إليها وليس انتهاء بمغارة علي بابا التي تفتح بنطق "افتح ياسمسم", وعباءة الإخفاء التي يختفي عن الأعين من يلبسها,
ومصباح علاء الدين السحري الذي يحقق الأماني في ثواني عبر العفريت القابع فيه .
ولا شك أن الكثير ممن أطلعوا على تلك الخيالات راودتهم أحلامهم بتجربتها , فأنا شخصياً كنت أتمنى أن يكون عندي بساط الريح , أركبه ويحلق بي في الأجواء وفي أقصى الأرجاء , لكن طبعا لم أكن أتمنى مصباح علاء الدين , لأني اخاف من العفاريت :) , وغيري الكثير ممن راودتهم تلك الأحلام...
طبعا يستحيل أن يكون هنالك بساط ريح أو مغارة لعلي بابا وكرة سحرية و و و , لأنها وببساطة محض خيال ؟؟
لكن ألا نستطيع أن نجعل ذلك الخيال حقيقة ؟؟؟
نعم نستطيع !
لكن كي نفعل ذلك , نحتاج إلا قوى خارقة .
وقوانا السحرية التي نحيل بها الخيال حقيقة هي العلم.
بالعلم لا نحقق خيالات الف ليلة وليلة فقط بل نفوق تلك الخيالات
وإليكم بعض الأمثلة :
فبساط الريح الذي يحمل شخص واحد يطير به إلا ما يشاء ابتكر العلم الطائرة التي تحمل إلى 500 شخص تطير بهم إلا ما يريدون من الجهات , بل تعدى العلم ذلك وأصبحت هنالك محطات وسفن فضائية تسبح في الفضاء .
والكرة الزجاجية يقابلها جهاز التلفاز حيث يبث ما يحدث في أرجاء الدنيا صوت وصورة , بل يمكن أيضا لأي شخص أن يشاهد وهو في مكانه وبيده قدح شاي عبر كاميرات الويب شارع الشانزلزيه وقوس النصر في فرنسا , وشوارع نيويورك المزدحمة , وبوابة لوس أنجلوس العملاقة , وتاج محل القابع في الهند .
ومغارة علي بابا التي تفتح بالصوت قابلتها الأبواب الإلكترونية التي لا تحتاج أن تتكلم وتنطق بطلاسم سحرية كي تعبر بل يكفيك المرور من خلالها بدون أن تتوقف وهي تفتح تلقائيا.
كل هذه الاختراعات السابقة مألوفة لديكم , وبمجرد أن تقوموا بمقارنة بسيطة بينها وبين أساطير ألف ليلة وليلة السحرية , ستجدون أن كفة الميزان رجحت لصالح الاختراعات التي لم تحتاج إلى قوى العفاريت وطلاسم السحرة , فالله أحسن الخالقين وهبنا عقل له إمكانيات جبارة , يحتاج فقط التفكير الصحيح والتطبيق المليح ليفعل الأعاجيب , وقد ذكر ابن القيم رحمة الله " أن الإنسان لو وقف أمام جبل وأراد أن يدكه لدكه ", وليس هناك في الحياة مستحيل , ما دام هذا العقل الذي ميزنا الله به وأكرمنا عن سائر مخلوقاته يفكر وليس مجرد التفكير فقط بل التفكير بالشكل المناسب .
قد يقول قائل لقد أقنعتنا أننا هزمنا الأساطير بالعلم, ولكن ليس كل الأساطير , فهناك مثلا عباءة الإخفاء , ومصباح علاء الدين , ومهما تطور العلم فلن يضاهي جموح الخيال , وأنا أقول لك يا عزيزي أن الخيال هو من يغذي العلم, وكلما جمح الخيال جمحت معه اختراعاتنا , فلو لاحظ أغلبكم الأفلام السينمائية القديمة وهي تحتوي بعض الاختراعات التي يصعب على الجيل السابق تصورها , فمثلا في سلسلة أفلام حرب النجوم الأولى يظهر الأبطال في مراكبهم الفضائية وهم يتحدثون عبر أجهزة نقالة لاسلكيا يصورون ذلك , وكأنهم في المستقبل البعيد , ولم تمضي سنوات قليلة إلا وكسب العلم الرهان, وتم اختراع الأجهزة الخلوية التي تتطور في أمكانتها وشكلها , وأيضا صورت بعض الأفلام طريقة الاتصال بالفيديو حيث ترى المتصل صورت وصورة , وها هو هذا الاختراع يعد من أبسط تطبيقيات الجيل الثالث في شبكات الأجهزة الخلوية .
لقد استرسلت في الكلام ونسيت أن أرد عن القائل أعلاه في عباءة الإخفاء , هل العلم الحديث خرج لنا باختراع يضاهيه ؟ الجواب نعم وبكل .
فقد استطاع فريق من العلماء من جامعة ديوك الأمريكية –بقيادة الدكتور "دافيد سميث" – تجربة جهاز يستطيع إعادة توجيه موجات الضوء لتلتف حول جسم معين بنفس الطريقة التي يلتف بها الماء حول الصخور في وسط مجرى مائي , فمن المعلوم أن الإبصار مجرد روية انعكاس الضوء على الأشياء لتستقبلها العين , وكانت نقطة التحدي كيف نستطيع أن نجعل الضوء لا ينعكس على جسم ما ولا ينكسر منه كالزجاج والماء , فطبقوا نظرية الصخرة في الجدول التي يرتطم بها الماء ثم يتلف من حولها ويكمل طريقة طبقوا هذه النظرية ولكن بالعكس , فكان ما كان وربح العلم الحديث الجولة بانتظار تحدي آخر من خيالات البشر .
وهذا مقطع لشخص يرتدي عباءة الإخفاء
بقي القول أن هذا الاختراع كان في أوائل عام 2006 م , وكان في بداياته , ولم أسمع عنه شيئا بعد ذلك , وأظنه قد تطور و أن البنتاجون يستخدمه حاليا ضمن أسلحته . " يادافع البلا".
أما مصباح علاء الدين , فدعوني أسألكم ألم تسمعوا من قبل عبارة " دى مخه عفريت " نعم أن عفريتك في رأسك , فأنت تستطيع بعقلك أن تحصل على ما تريد , فقط حك هذا الرأس قليلا , وأنظر في الذي ستحصل عليه, فالأمر لا يحتاج إلى دخان متصاعد, وشبيك لبيك , يحتاج وبكل بساطة تفعيل الهبة الإلهية في جمجمتك لتفعل الأفاعيل وتكسر المستحيل.
وصدقوني ليس هنالك غبي شديد الغباء ولا ذكي مفرط الذكاء , فأغلب العلماء الكبار أمثال أينشتاين وغيرهم , كانوا دون المستوى عن بقية أقرانهم , لكنهم تفوقوا حين استغلوا إمكانيات ما استودع الله في رؤوسهم , فالدماغ البشري هو نفسه ,نفسه بخلاياه وعصبونا ته ووزنه , لكنه الوهم الذي يوهمنا أننا عاجزين عن تحقيق مرادنا .
أعزائي القصد من هذا الموضوع هو التنبيه على أن الإنسان يسمو بعقله , فإن أراد أن يكون تاجرا فاحش الثراء أو عالما راسخ في الدين , أو دكتورا بارعا في مجاله فسيكون ذلك بكل تأكيد إذا خطط بالطريقة المناسبة وسلك المسلك الذي رسمه بالتفكير الصحيح ," فشغل مخك" وأنطلق إلى أي فضاء رحب تريده .
بعقلك تستطيع أن تصنع من نفسك أي شي , ماعدا رئيس دولة , فرؤساء الدول , موجودة الرئاسة في جيناتهم , فلا تتعب نفسك بالتفكير كي تكون واحد منهم , ولا تتعبني إذا حاولت أن تصير رئيسا , ففي تلك الساعة لا أعرفك ولا تعرفني ولا اعرف هذا الموضوع الملفق الذي كتبته , اللهم جنبا السياسة ماظهر منها وما بطن .
:: مدونتي ::
تابع جديد رسائل المجموعة على تويتر
twitter.com/abunawafcom
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق